يُعد اتخاذ القرارات موضوعًا رئيسيًا في علم النفس المعرفي، حيث يدرس الباحثون العمليات العقلية التي تؤدي إلى اختيارٍ بين خيارين أو أكثر. لا يُعتبر اتخاذ القرارات عمليةً بسيطةً، بل هي عمليةً معقدةً تتضمن عدة مراحل وتتأثر بعواملٍ إدراكية، عاطفية، واجتماعية. إليك بعض الجوانب الرئيسية لدراسة اتخاذ القرارات في علم النفس المعرفي :

1. النماذج النظرية لاتخاذ القرارات:

*

النماذج المعيارية (Normative Models):

تُركز هذه النماذج على كيفية اتخاذ القرارات المثالية من الناحية المنطقية، بافتراض أن الفرد يتمتع بمعلومات كاملة ويفكر بشكل عقلاني. مثال على ذلك: نظرية المنفعة المتوقعة (Expected Utility Theory).
*

النماذج الوصفية (Descriptive Models):

تُركز هذه النماذج على كيفية اتخاذ القرارات في الواقع، مع الأخذ بعين الاعتبار القيود المعرفية والعوامل الانفعالية التي تؤثر على عملية اتخاذ القرار. أمثلة: نظرية الاحتمال التعديلي (Prospect Theory) لنظريتي كانيمان وتفرسكي، ونظرية التوفيق (Satisficing) لهيربرت سايمون.

2. أنواع القرارات:

*

قرارات تحت حالة يقين (Decision Making Under Certainty):

تكون نتائج كل خيار معروفة مسبقًا.
*

قرارات تحت حالة عدم يقين (Decision Making Under Uncertainty):

لا تُعرف نتائج الخيارات بدقة، ولكن هناك احتمالات مرتبطة بكل نتيجة.
*

قرارات تحت حالة مخاطرة (Decision Making Under Risk):

تُعرف احتمالات كل نتيجة، لكن النتائج نفسها غير مؤكدة.


3. العوامل المؤثرة على اتخاذ القرارات:

*

الذاكرة:

تُؤثر قدرة الفرد على تذكر المعلومات السابقة على عملية اتخاذ القرار.
*

الانتباه:

يُحدد الانتباه المعلومات التي يُركز عليها الفرد، وبالتالي يؤثر على القرارات التي يتخذها.
*

العواطف:

يمكن للعواطف أن تُشوه عملية اتخاذ القرار، إما بتحيزها لصالح خيار معين، أو بتقليل قدرة الفرد على التفكير بشكل عقلاني.
*

التحيزات المعرفية (Cognitive Biases):

هي أنماط تفكير غير عقلانية تؤثر على عملية اتخاذ القرارات، مثل: تحيز التأكيد، تحيز الإتاحة، تحيز المراسي.
*

العوامل الاجتماعية:

تؤثر التفاعلات الاجتماعية والمعايير الاجتماعية على القرارات التي يتخذها الأفراد.


4. تقنيات تحسين اتخاذ القرارات:

*

تحليل القرارات:

هي طريقة منهجية لتقييم الخيارات المختلفة واختيار الخيار الأمثل.
*

التفكير النقدي:

يساعد على تقييم المعلومات بشكل موضوعي وتجنب التحيزات المعرفية.
*

التأمل:

يُمكن أن يساعد على فهم المشاعر والانفعالات التي تؤثر على عملية اتخاذ القرارات.


5. تطبيقات في مجالات مختلفة:

تُستخدم دراسات اتخاذ القرارات في العديد من المجالات، بما في ذلك:

*

الصحة:

اتخاذ القرارات الطبية، والالتزام بالعلاج.
*

الاقتصاد:

سلوك المستهلك، والاستثمار.
*

التسويق:

إقناع المستهلكين، وتحديد الأسعار.
*

القانون:

تقييم الأدلة، واتخاذ القرارات القضائية.


باختصار، يعتبر اتخاذ القرارات مجالاً واسعاً ومتشعبًا في علم النفس المعرفي، ويستمر البحث فيه لتطوير فهمنا لكيفية اتخاذ الأفراد للقرارات، وكيف يمكن تحسين هذه العملية.