تطور علم الجغرافيا عبر التاريخ بشكل ملحوظ، بدءًا من وصف بسيط للأماكن إلى علم متعدد التخصصات يستخدم تقنيات متقدمة. يمكن تقسيم هذا التطور إلى عدة مراحل :

1. الجغرافيا الكلاسيكية (العصور القديمة):

*

اليونان القديمة:

يُعتبر هيرودوت و إراتوستينس من أبرز رواد الجغرافيا في هذه الفترة. قاموا برسم الخرائط و تقدير محيط الأرض. ركزت الجغرافيا على وصف الأماكن، شعوبها، ومواردها. استخدموا الملاحظة والتدوين في رحلاتهم.
*

العالم الإسلامي:

شهد العصر الذهبي للإسلام تطوراً كبيراً في الجغرافيا. علماء مثل ابن خرداذبه، الإصطخري، البكري، و ابن بطوطة ساهموا في تطوير علم الجغرافيا من خلال رحلاتهم الاستكشافية وكتاباتهم التي وثقت الجغرافيا البشرية والطبيعية للمناطق الواسعة من العالم. ابتكروا تقنيات جديدة في رسم الخرائط وتحديد المواقع.

2. الجغرافيا في العصور الوسطى:

* شهدت هذه الفترة تراجعاً نسبياً في التقدم الجغرافي في أوروبا، مع اعتمادٍ كبيرٍ على المصادر الكلاسيكية وبعض الخرائط البسيطة. لكن استمرت الدراسات الجغرافية في العالم الإسلامي والصين.

3. عصر النهضة والاستكشافات الجغرافية الكبرى:

* بدأت مرحلة جديدة من التطور مع عصر النهضة، حيث ازدادت الرحلات الاستكشافية البحرية و توسعت المعرفة الجغرافية للعالم. ساهمت هذه الرحلات في رسم خرائط أكثر دقة و اكتشاف قارات جديدة. ظهرت مدارس جغرافية جديدة واهتمت بدراسة البحار والمحيطات.

4. الجغرافيا الحديثة:

*

القرن التاسع عشر:

بدأت الجغرافيا تتطور إلى علم أكاديمي منظم، مع ظهور تخصصات فرعية مثل الجغرافيا الطبيعية والجغرافيا البشرية. بدأت تُستخدم أساليب علمية أكثر دقة في دراسة الظواهر الجغرافية.
*

القرن العشرون:

شهد تطوراً هائلاً في الجغرافيا مع ظهور تقنيات جديدة مثل التصوير الجوي، واستشعار الأرض عن بعد، ونظم المعلومات الجغرافية (GIS). أصبح التركيز على تحليل البيانات المكانية باستخدام نماذج رياضية وإحصائية. برزت مناهج جديدة مثل الجغرافيا السلوكية والجغرافيا البيئية.
*

القرن الحادي والعشرون:

تُعتبر الجغرافيا اليوم علماً متعدد التخصصات، مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالعلوم الأخرى مثل علم البيئة، علم المناخ، التاريخ، الاقتصاد، وعلم الاجتماع. تُستخدم تقنيات متقدمة في تحليل البيانات مثل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي للدراسة الظواهر الجغرافية المعقدة. كما زادت أهمية الجغرافيا في مواجهة التحديات البيئية مثل تغير المناخ.

باختصار، تطور علم الجغرافيا من علم وصف بسيط للأماكن إلى علم متعدد التخصصات يستخدم تقنيات متقدمة لدراسة التفاعلات المعقدة بين الإنسان والبيئة. يُعد هذا التطور نتاجاً للتقدم العلمي والتكنولوجي، وكذلك للحاجة لفهم العالم بشكل أفضل ومواجهة التحديات المعاصرة.