تُروى قصة شجرة الدر، وهي من أشهر قصص التاريخ الإسلامي في مصر، بطرق مختلفة تختلف في التفاصيل، لكنها تتفق على جوهر القصة. تُعتبر شجرة الدرّ شخصية مثيرة للجدل، فبعضها يصفها ببطلة وطنية، وآخرون يصفونها بِطاغية طموحة.
تُشير الروايات إلى أنّها كانت جارية تركية الأصل، اشترتها الملكة الصالحة، زوجة السلطان الصالح أيوب، وعملت في خدمتها. تمتّعت شجرة الدرّ بجمالٍ آسِرٍ، وذكاءٍ حادّ، ولباقةٍ في الكلام، مما جعلها تُحظى بمكانة خاصة لدى السلطان الصالح.
بعد وفاة السلطان الصالح أيوب في أثناء حصار المنصورة عام 648هـ/1249م، كان هناك خلافٌ حول خلافته، بين ابنه توران شاه وبين أمراء المماليك. هنا ظهرت دور شجرة الدرّ، ففي روايات تُشير إلى أنّها أَمْرت بقتل توران شاه خوفاً من اضطراب الدولة، وفي روايات أخرى يُشير إلى أنه قُتل نتيجة مؤامرة من أمراء المماليك أنفسهم، لكنّ دور شجرة الدرّ في إخفاء وفاته والتحكم في الأمر كان محوريًا.
بعد وفاة توران شاه، أعلنت شجرة الدرّ نفسها سلطانةً على مصر والشام، وهو أمرٌ غير مسبوق في تاريخ مصر. حكمت لفترةٍ قصيرة، ثم تزوّجت من عز الدين أيبك، أحد أمراء المماليك، وتنازلت له عن السلطنة. لكنّها لم تستطع الاستمتاع بحياتها بعد ذلك، فقد أُعدمَتْ على يد زوجها عز الدين أيبك بعد فترةٍ قصيرة من زواجهما، لخوفه من سلطتها وقوتها.
تختلف روايات القصة في التفاصيل، فبعضها يركز على دورها في حماية مصر من الغزو الصليبي، وآخر يركز على طموحها المفرط وسعيها للسلطة مهما كلف الأمر. ومع ذلك، تبقى شجرة الدرّ رمزًا مثيراً للجدل، تمثل امرأة قوية في زمنٍ كان يُهيمن عليه الرجال، وتُجسّد صراعًا بين السلطة والطموح والخلافة، و تُخفي أسراراً لا تزال تثير الجدل والبحث حتى يومنا هذا.
التعليقات
اضافة تعليق جديد
| الإسم |
|
| البريد ( غير الزامي ) |
|
|
|
|
|
|
| لم يتم العثور على تعليقات بعد |