في قرية صغيرة تحيط بها الجبال الشاهقة، حيث تتساقط الثلوج بكثافة في فصل الشتاء، عاش فتاة تُدعى ليلى. كانت ليلى فتاة جميلة، ذات شعر أسود كالليل، وعينين بنيتين تحملان بريقاً حزيناً. كانت تعيش مع جدتها العجوز، بعد أن فقدت والديها في حادث مأساوي عندما كانت صغيرة.
كانت جدتها كل حياتها، مصدر قوتها وعزائها. كانت جدتها تُعلمها قصصاً من التراث الشعبي، وتُغني لها أغاني تقليدية تُدفئ قلبها الصغير. لكن الجدّة كانت مريضة، مرضاً عضالاً. مع مرور الأيام، تدهورت صحة الجدّة بشكلٍ مُخيف، حتى أصبح تنفسها صعباً، وجسدها هزيلاً.
في إحدى ليالي الشتاء القارسة، استيقظت ليلى على صوت بكاء خفيف من غرفة جدتها. وجدت جدتها مستلقية في فراشها، تُمسك بيدها الصغيرة بضعف. نظرت ليلى في عيني جدتها، فرأت فيها بريقاً أخيراً من الحب، ولكنه بريقٌ مُغشّى عليه بظلال الموت.
همست الجدّة بصوتٍ ضعيفٍ بالكاد يُسمع : "ليلى حبيبتي... أحتفظي دائماً بجمال قلبكِ... لا تدعي قسوة الحياة تُطفئ نوره..."
بعدها، أغمضت الجدّة عينيها بهدوء، وتركَت ليلى وحدها في ذلك البيت الصغير المُغطّى بالثلوج. بكَت ليلى بحرقةٍ شديدة، بكت لفقدان جدتها، لفقدان كل ما تُحب، لفقدان دفء أحضانها، ولخوفها من المستقبل المُجهول.
في صباح اليوم التالي، خرجت ليلى من البيت، تُغطيها الثلوج الكثيفة. كانت الشمس تُطل من خلف الجبال، مُضيئةً العالم بجمالٍ خافت. في تلك اللحظة، تذكّرت ليلى كلمات جدتها الأخيرة: "أحتفظي دائماً بجمال قلبكِ..."
قرّرت ليلى أن تُحافظ على ذكرى جدتها حية، أن تُحافظ على نور قلبها، وأن تُحارب قسوة الحياة بجمال روحها. بدأت ليلى بالعمل بجدٍ، لتُحافظ على منزلها، و لتُكمل تعليمها. وبفضل إصرارها، وقوة روحها، تمكنت من بناء حياةٍ جديدة، مليئة بالأمل والفرح.
وبالرغم من ألم الفقد، ظلّت ليلى تحمل في قلبها حبّ جدتها، وذكرياتها الجميلة، كهديةٍ ثمينة تُضيء طريقها في الحياة. و ظلّ جمال قلبها يُشعّ، مُذكّراً إياها دائماً بأنّ الحبّ أقوى من الموت، والأمل أقوى من اليأس.
التعليقات
اضافة تعليق جديد
| الإسم |
|
| البريد ( غير الزامي ) |
|
|
|
|
|
|
| لم يتم العثور على تعليقات بعد |