في قرية صغيرة تحيط بها الجبال الخضراء، عاش بائع فراولة عجوز اسمه أبو علي. كانت فراولته الشهيرة في كل المنطقة، فثمارها كبيرة وحلوة وعطرها يفوح من بعيد. كان أبو علي يزرعها بيديه، يعتني بها كأطفاله، يرويها بنفسه ويزيل الأعشاب الضارة عنها بحبٍّ بالغ.
لم يكن أبو علي غنياً، لكنه كان سعيداً بما لديه. كانت فراولته مصدر رزقه، وكانت تجلبه إلى بيته البسيط المتواضع. لكن أكثر ما كان يميزه هو كرمه وحسن معاملته للناس. فلم يكن يبيع فراولته بسعرٍ مرتفع، بل كان يمنح الفقراء منها مجاناً، ويشارك جيرانه بحصّةٍ سخية من محصوله كل عام.
ذات يوم، مر تاجرٌ غنيٌّ بالقرية، سمع عن فراولة أبو علي اللذيذة. ذهب إلى أبو علي، عرض عليه شراء كامل محصوله بسعرٍ مرتفعٍ جداً. فكّر أبو علي كثيراً. هذا المبلغ الكبير سيغيّر حياته، سيصلّح بيته المتداعي، ويشتري ما يحتاجه.
لكنّه تذكر الفقراء الذين يعتمدون عليه، والأطفال الذين ينتظرون فراولته كل عام. تردد قليلاً، ثمّ رفض عرض التاجر. قال له : "فراولتي ليست مجرد مصدر رزق، هي جزء من حياتي، وهي أيضاً مصدر سعادة للكثيرين. لا أستطيع بيعها كلها، سأبقي بعضاً منها لأهل قريتي."
أُعجب التاجر بكرم أبو علي وحكمته. لم يصرّ على شراء كلّ محصوله، بل اشترى فقط جزءاً منه بسعرٍ عادل، وترك الباقي لأبو علي ليوزعه على الفقراء. عاد أبو علي إلى بيته، قلبه عامرٌ بالرضا والسعادة. فقد أثبت أنّه لا يبيع فقط فراولة، بل يبيع السعادة والمحبة.
انتشرت قصة أبو علي في كل مكان، وأصبح مثالاً للكرم والإيثار. لم يصبح غنياً، لكنّه أصبح أغنى بكثيرٍ من المال، فهو أغنى بقلبٍ مليءٍ بالحبّ، وسمعةٍ طيبةٍ لن تموت.
التعليقات
اضافة تعليق جديد
| الإسم |
|
| البريد ( غير الزامي ) |
|
|
|
|
|
|
| لم يتم العثور على تعليقات بعد |