يُعدُّ بيتُ امرِئ القَيْس "فهي هي وهي" من أشهر أبياته وأكثرها غموضاً وتأويلاً. والبيتُ كاملاً هو :

u003eفهي هي وهي، وإن طالَ البعْدُ، بينَنا
u003eأَنْسُ منْ عَيشٍ، وفي القُربِ، مِنْهُ، بَلاءُ

والتفسير يختلف باختلاف المدرسة النقدية والباحث، ولكنَّه يُمكن تلخيصُهُ كما يلي:

*

"فهي هي وهي"

: يُعبِّر هذا الجزء عن تناقضٍ في المشاعر تجاه الحبيبة. "هي" الأولى تعني الحبيبة كما هي في ذاتهِ، حضورُها في خاطرهِ ووجدانهِ، حتى وإن غابت. "هي" الثانية تعني الحبيبة في واقعها، حاضرَةً جسدياً، لكنَّ وجودَها يُسبِّبُ لهُ الأذىَ والبلاءَ. والفاءُ هنا تفيدُ التعليلَ، أو التأكيدَ على هذا التناقض. بعضُ التفسيراتِ يرى أنَّ "هي" الثالثةَ تُشيرُ إلى صورةٍ مُثاليةٍ لها، مُختلِفةٍ عن حقيقتِها.

*

"وإن طال البعد بيننا"

: يُؤكِّدُ الشاعرُ هنا على بُعدِ الحبيبةِ جسدياً، ولكنَّ هذا البعدَ لا يُثنيهِ عن حبِّها وتذكُّرِها.

*

"أنس من عيشٍ، وفي القربِ منه بلاءُ"

: يُبيِّنُ الشاعرُ التناقضَ بينَ حالةِ البُعدِ وحالةِ القُربِ. فالبُعدُ يُضفي على ذِكرى الحبيبةِ نوعاً من الراحةِ والأنسِ، بينما القُربُ يُسبِّبُ لهُ المُعاناةَ والبلاءَ. ربما لِأسبابٍ موضوعيةٍ، كأنَّ الحبيبةَ تُعامِلُهُ بسوءٍ، أو لِأسبابٍ ذاتيةٍ، كأنَّ المُعاناةَ ناتجةٌ عن تعقيدِ شعورهِ بها.

باختصار، البيتُ يُعبِّرُ عن مشاعرٍ مُعقَّدةٍ ومتضاربةٍ تجاهِ الحبيبةِ، بينَ الحنينِ إليها والشوقِ إليها من جهَةٍ، وبينَ المُعاناةِ والبلاءِ اللذين يُسبِّبَانِ لها من جهَةٍ أخرى. ويُبرزُ البيتُ بُراعةَ الشاعرِ في التعبيرِ عن هذهِ المشاعرِ بِإيجازٍ ومُباشرةٍ في نفسِ الوقتِ. يبقى التفسيرُ مفتوحاً للتأويلِ والدراسةِ النقديةِ.