Loading...





للسوريين فقط - تابع اخبار الدولار وحقق ارباح








الرئيسية/أقوال مأثورة/تحليل قصيدة أبو العتاهية لعَمْرُكَ ما الدنيا بدار بقاء


تحليل قصيدة أبو العتاهية لعَمْرُكَ ما الدنيا بدار بقاء

عدد المشاهدات : 136
أ.محمد المصري

حرر بتاريخ : 2025/02/03





قصيدة أبي العتاهية "عمرك ما الدنيا بدار بقاء" تُعدّ من أشهر قصائده وأبلغها في التعبير عن فلسفته الزهدية وتجربته مع الحياة. تحليلها يتطلب النظر إلى عدة جوانب :

1. الفكرة المحورية:

تدور القصيدة حول فكرة زوال الدنيا وبطلان الاعتماد عليها. الشاعر يوضح بأسلوب حزين لكن واقعي أن الحياة دنيوية زائلة، وأن التعلق بها هو مصدر شقاء، بينما السعي للآخرة هو الطريق للخلاص والسعادة الحقيقية. لا يقدم الشاعر حلولاً مباشرة، بل يقدم وصفاً مؤثراً للواقع مؤكداً على حقيقة الموت كحقيقة لا مفر منها.

2. الأسلوب الشعري:

يتميز أسلوب أبي العتاهية في هذه القصيدة بالبساطة والوضوح، بعيداً عن التعقيدات البلاغية المبالغ فيها. يستخدم أسلوب الحكمة المباشر، موجهًا كلامه للقارئ بطريقة مباشرة وصادقة. لغة القصيدة سلسة وواضحة، مما يسهل فهم المعنى المراد إيصاله. يعتمد على الصور الشعرية القوية والبسيطة في آنٍ واحد، كصورة "دار بقاء" و "الدنيا دار غرور" و "الموتُ قادمٌ لا محالةً".

3. الجوانب البلاغية:

على الرغم من بساطة أسلوب الشاعر، إلا أنه يستخدم بعض الأساليب البلاغية بشكل دقيق وفعال:

*

التشبيه:

يستخدم التشبيه الضمني في وصف الدنيا بـ "دار غرور"، "دار مَكروهة" ، و"بيتُ فناء".
*

التورية:

قد يُنظر إلى بعض الأبيات على أنها تحمل تورية، حيث يُمكن فهمها بمستويين: مستوى ظاهري يتعلق بالحياة الدنيوية، ومستوى باطني يتعلق بالحياة الآخرة.
*

الاستفهام الإنكاري:

يستخدم الشاعر الاستفهام الإنكاري ليؤكد على حقيقة زوال الدنيا، مثل "عمرك ما الدنيا بدار بقاء".
*

التضاد:

يُلاحظ تضاد بين حياة الدنيا الزائلة وحياة الآخرة الباقية.

4. المشاعر والأحاسيس:

تُعبّر القصيدة عن مشاعر الشاعر المتأملة والحزينة تجاه الحياة. يظهر الحزن على زوال النعم، والخوف من الموت، ولكن هذا الحزن لا يُعتبر ضعفاً، بل هو مصدرٌ لدفع الشاعر إلى التفكير في المعاني العميقة للحياة والموت. هناك شعورٌ بالواقعية وقبول المصير، ممزوجاً بنبرة من اليأس المُحَفَّز على التوبة والعمل الصالح.


5. الرسالة والفلسفة:

الرسالة الأساسية للقصيدة هي دعوة للزهد في الدنيا، والبعد عن التعلق بمظاهرها الزائلة. الشاعر يُحَذّر من الغرور والاعتماد على المال والجاه، مؤكداً على أن السعادة الحقيقية تكمن في الاستعداد لليوم الآخر والعمل على كسب رضا الله. فلسفة القصيدة تتمحور حول التوازن بين الحياة الدنيوية والآخرة، مع التأكيد على أهمية الأخرة كبقاءٍ حقيقيّ.


باختصار، قصيدة "عمرك ما الدنيا بدار بقاء" تُمثل نموذجاً رائعاً لشعر أبي العتاهية الزاهدي، حيث تجمع بين البساطة والعمق، والواقعية والحكمة، مُعبرةً عن فلسفته الحياتية بطريقة مؤثرة وبليغة.

التعليقات

اضافة تعليق جديد

الإسم
البريد ( غير الزامي )
لم يتم العثور على تعليقات بعد