شهد العصر الأموي (41-132هـ / 661-750م) تطوراً ملحوظاً في النثر العربي، وانتقل من نثر بدائي بسيط إلى نثر متميز يتميز بالعديد من الخصائص. يمكن تلخيص أهم سماته كما يلي :

1. النثر الرسمي والإداري:

برز هذا النوع بشكل واضح بسبب حاجة الدولة الأموية المتنامية إلى تنظيم شؤونها الإدارية والمالية والقضائية. فكانت الرسائل والمراسلات الرسمية، والوثائق، والسجلات، والعقود، من أهم مظاهر هذا النثر. يتميز هذا النثر بوضوحه ودقته، وحرصه على إيصال المعلومة ببساطة وفاعلية، مع تجنب التعقيدات اللغوية.

2. النثر الديني:

ظهرت في هذا العصر مؤلفات دينية هامة كتفسير القرآن الكريم وكتب الحديث، وقد ساهم ذلك في تطوير النثر بشكل ملحوظ. فقد سعى كُتاب التفسير والحديث إلى الوضوح والدقة في نقل المعاني الدينية، مع الاستعانة بأدوات بلاغية بسيطة تُسهل فهم النصوص.

3. النثر الأدبي:

على الرغم من سيطرة الشعر على الساحة الأدبية في العصر الأموي، إلا أن النثر الأدبي بدأ يظهر بشكل تدريجي. وقد ظهرت بعض الكتب التي تُعدّ من أوائل نماذج النثر الأدبي، مثل:

*

رسائل جرير والفرزدق:

تُظهر هذه الرسائل براعة الكاتب في استخدام اللغة العربية للتعبير عن مشاعره وأفكاره.
*

كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني:

يحتوي هذا الكتاب على العديد من النصوص النثرية، مثل القصص والأخبار والحكايات، التي تُعتبر نماذج متميزة من النثر الأدبي.
*

الأخبار والقصص:

ظهرت خلال العصر الأموي قصص وحكايات متنوعة، ساهمت في تطوير النثر وتنوع أساليبه.

4. خصائص النثر الأموي:

*

الوضوح والبساطة:

سعى الكتاب الأمويون إلى وضوح العبارة وسهولة الفهم، خاصة في النصوص الرسمية والدينية.
*

الدقة والاختصار:

يتميز النثر الأموي بالدقة في اختيار الألفاظ، والحرص على الاختصار وتجنب اللف والدوران.
*

الاستخدام المحدود للأدوات البلاغية:

على عكس الشعر، كان استخدام الصور البيانية والألفاظ البديعة محدوداً في النثر الأموي، خاصة في النصوص الرسمية.
*

التنوع الأسلوبي:

على الرغم من بساطته، إلا أن النثر الأموي يُظهر تنوعاً أسلوبياً وفقاً لطبيعة النص وغرضه.

5. الحدود بين الشعر والنثر:

كانت الحدود بين الشعر والنثر في العصر الأموي أقل وضوحاً من العصور اللاحقة. وقد وجدنا نصوصاً تتميز بمزيج من خصائص الشعر والنثر، مثل بعض الرسائل والخطب.


باختصار، شهد العصر الأموي بداية تطور النثر العربي، وانتقل من مرحلة بسيطة إلى مرحلة أكثر تعقيداً وتنوعاً، ممهّداً الطريق للتطور الذي شهده النثر في العصور اللاحقة.