تتميز البنية السردية في رواية "زينب" لمحمد حسنين هيكل بمزايا عدة، تجعلها نموذجًا مميزًا للرواية الواقعية المصرية في بدايات القرن العشرين. يمكن تحليل هذه البنية من عدة جوانب :

1. السرد الزمني:

*

السرد الخطي بشكل عام:

تتبع الرواية تسلسلًا زمنيًا تقريبًا، بدءًا من طفولة زينب وحتى وفاتها. لكن هذا الخطي ليس مطلقًا، فالتذكر والاسترجاع الذهني يلعبان دورًا مهمًا في إثراء السرد.
*

الاسترجاع:

يستخدم الراوي الاسترجاع بكثرة لإثراء فهم القارئ لشخصية زينب وظروفها، مُعيدًا إلى الأذهان أحداثًا سابقة مهمة في حياتها. هذا الاسترجاع لا يعطل سير الأحداث الرئيسية بل يُضيف عمقًا لها.
*

التركيز على المراحل الحياتية:

تقسم الرواية حياة زينب إلى مراحل واضحة، من مرحلة الطفولة البريئة، ومرحلة الشباب والزواج، ومرحلة المرض والاحتضار، مع التركيز على التحولات التي تطرأ على حياتها في كل مرحلة.

2. الراوي:

*

راوي خارجي عليم:

الراوي في "زينب" راوي خارجي، يملك رؤية شاملة لأحداث الرواية وشخصياتها، ويقدم لنا تفسيرات وتحليلات لأفعالهم ودوافعهم. هو ليس شخصية متواجدة داخل أحداث الرواية.
*

موضوعي نسبياً:

رغم علم الراوي بالمشاعر الداخلية للشخصيات، فإن سرده يبقى موضوعيًا بشكل نسبي، لا يحكم على الشخصيات بشكل صريح، بل يترك للقارئ الحكم بنفسه.

3. البنية الدرامية:

*

صراع داخلي:

الرواية تعتمد بشكل كبير على الصراع الداخلي الذي تعيشه زينب، بين رغبتها في العيش حياة طبيعية، وبين قيود المجتمع وقدرها المحتوم. هذا الصراع يُعتبر المحرك الرئيسي للأحداث.
*

صراع خارجي:

هناك صراع خارجي مُتمثل في صراع زينب مع ظروفها الاجتماعية والاقتصادية القاسية، ومع مرضها الذي يهدد حياتها.
*

نهاية حزينة:

تنتهي الرواية بنهاية حزينة، بموت زينب، مما يعكس صورة قاتمة لواقع المرأة الريفية في ذلك الزمان.


4. الزمن الروائي:

*

الزمن المروي:

يشمل فترة زمنية ممتدة في حياة زينب، من الطفولة حتى الوفاة.
*

الزمن السردي:

أقصر من الزمن المروي، يركز على الأحداث الرئيسية في حياة زينب.


5. الفضاء:

*

الريف المصري:

الرواية تُرسم صورة واقعية للريف المصري، مع التركيز على عادات وتقاليد المجتمع الريفي، وصراعاته الاجتماعية. الفضاء جزء لا يتجزأ من أحداث الرواية ويُسهم في تشكيل شخصية زينب.


باختصار، البنية السردية لرواية "زينب" بسيطة لكنها فعّالة. تعتمد على سرد خطي مع استخدامات ذكية للاسترجاع، وراوي خارجي عليم يُقدم لنا صورة واقعية لتجربة إنسانية مؤثرة في إطار زمني ومكاني محددين. هذه البساطة تُبرز ببراعة معاناة بطلة الرواية وواقع المرأة المصرية في ذلك العصر.