## التسامح : جسرٌ نحو عالمٍ أفضل
يُعدّ التسامح من أعظم القيم الإنسانية، وهو جوهرٌ للسلام والوئام المجتمعي. فهو ليس مجرد قبول الآخر، بل هو تقبّل اختلافاته، وآرائه، وحتى أخطائه، مع احترام كرامته وحريته. فهو جسرٌ يُبنى على أسسٍ متينة من الفهم والرحمة، يربط بين قلوب البشر بغض النظر عن خلفياتهم أو معتقداتهم المختلفة. وإن غاب التسامح، غابت معه الوئام وازدهرت الخلافات والنزاعات.
تتجلى حكمة التسامح في قدرته على تحويل الصراع إلى تعاون، والعداوة إلى صداقة. فبدلاً من أن نُصرّ على وجهة نظرنا فقط، وأن نُقِرّ بأنفسنا بالصواب المطلق، يُلهمنا التسامح بالاستماع إلى الآخرين، وفهم منظورهم، والبحث عن أرضية مشتركة. هذا لا يعني التنازل عن قناعاتنا، بل يعني القدرة على احترام قناعات الآخرين، والتعايش السلمي معها.
إنَّ التسامح ليس ضعفاً، بل هو قوةٌ عظيمة. فالشخص المتسامح يُظهر نضجاً عقلياً وانفتاحاً فكرياً، كما أنه يتمتّع بسلام داخلي أكبر. لأنه لا يُرهق نفسه بالكراهية والحقد، بل يختار الطريق الأسهل والأكثر إنسانية وهو طريق المغفرة والتفاهم. فهو يحرر نفسه من قيود الغضب والأحكام المسبقة، ليعيش حياةً أكثر هدوءاً وسعادة.
ولكن، التسامح ليس بلا حدود. فليس من التسامح التغاضي عن الظلم أو الجريمة، بل هو التسامح مع الشخص، وليس مع فعله. فمن الضروري الفصل بين الشخص وفعله، وأن نُعاقب الفعل، ونُحاول إعادة تأهيل الفاعل، من خلال إصلاح ما أفسده بالتسامح المُوجه نحو الإصلاح وليس التساهل مع الخطأ.
باختصار، التسامح هو قيمةٌ ساميةٌ تُنمّي الوعي الإنساني، وتُرسّخ أُسس مجتمعٍ متماسكٍ، متسامحٍ، يُحترم فيه كرامة الإنسان مهما اختلفت خلفياته. فهو استثمارٌ في المستقبل، استثمارٌ في بناء عالمٍ أكثر عدلاً وسلاماً. لذا، علينا جميعاً أن نتبنى قيمة التسامح، ونُعلّمها لأجيالنا القادمة، حتى نُبني مستقبلاً أكثر إشراقاً.
التعليقات
اضافة تعليق جديد
| الإسم |
|
| البريد ( غير الزامي ) |
|
|
|
|
|
|
| لم يتم العثور على تعليقات بعد |