عاش الشيخ عبد الحميد بن باديس (1889-1940) حياةً حافلة بالنشاط الديني والاجتماعي والسياسي في الجزائر خلال فترة الاستعمار الفرنسي. ولد في مدينة قسنطينة، وتلقى تعليماً دينياً متيناً، ثم سافر إلى تونس ومصر لتعميق دراسته. عاد إلى الجزائر مُسلّحاً بفكر إصلاحيّ متقدم، وركز جهوده على مقاومة الاستعمار الفرنسي بطريقة غير مسلحة، معتمداً على النهضة الإسلامية والثقافية.

أسس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين عام 1931، التي لعبت دوراً محورياً في مقاومة الثقافة الفرنسية ومحاربة الجهل والامية بين الجزائريين، وتعزيز اللغة العربية. دافع بن باديس عن هوية الجزائر العربية الإسلامية، وحثّ على التمسّك بقيمها الأصيلة، مُعارضاً سياسة التفرنسة التي كان يفرضها المستعمر.

استخدم بن باديس وسائل متعددة لنشر أفكاره، من بينها خطاباته المؤثرة في المساجد، ومقالاته في الصحف والمجلات التي أسسها مثل "الشهاب" و "المنتقد"، حيث نادى بتجديد الفكر الديني وإصلاح التعليم، وشدّد على أهمية العودة إلى القرآن والسنة. اتسمت دعوته بالاعتدال والوسطية، ورفض التطرف والعنف.

توفي بن باديس عام 1940، تاركاً إرثاً كبيراً في تاريخ الجزائر، وما زالت أفكاره وتعاليمه تُؤثّر في العديد من الجزائريين حتى اليوم. يُعتبر من أهم رموز المقاومة السلمية ضد الاستعمار، ومن رواد النهضة الإسلامية في الجزائر والعالم العربي.