## الشفق القطبي : رقصة الأضواء السماوية
الشفق القطبي، تلك الظاهرة السماوية الساحرة التي تُزين سماء المناطق القطبية بألوانٍ مبهرة، هي في حقيقتها عرضٌ ضوئيٌّ طبيعيٌّ مذهل. يُعرف الشفق القطبي باسم "أورورا" (Aurora) نسبةً إلى إلهة الفجر الرومانية، ويمتاز بظهوره في شكل أشرطة، أو أقواس، أو ستائر متموجة من الألوان الزاهية، تتراقص في السماء وكأنها لوحة فنية كونية تُرسم على قماشٍ أسودٍ هادئ.
تظهر هذه الألوان الرائعة – التي تتراوح بين الأخضر والأزرق والأحمر والأرجواني – نتيجة تفاعل الجسيمات المشحونة من الشمس مع الغلاف الجوي للأرض. تطلق الشمس باستمرار تيارًا من الجسيمات المشحونة يُعرف بالرياح الشمسية. عندما تصطدم هذه الجسيمات – وهي في الغالب إلكترونات وبروتونات – بجزيئات الغازات في الغلاف الجوي العلوي للأرض (مثل الأكسجين والنيتروجين) على ارتفاعات تتراوح بين 80 و 640 كيلومترًا، فإنها تُثيرها وتجعلها تُطلق فوتونات الضوء. يعتمد لون الضوء المنبعث على نوع الغاز وارتفاعه في الغلاف الجوي. الأكسجين على ارتفاعات منخفضة يُصدر ضوءًا أخضرًا، بينما الأكسجين على ارتفاعات أعلى يُصدر ضوءًا أحمر، أما النيتروجين فيُصدر ضوءًا أزرق أو أرجواني.
يُطلق على الشفق القطبي الذي يظهر في نصف الكرة الأرضية الشمالي اسم "أورورا بورياليس" (Aurora Borealis) أو "الأضواء الشمالية"، بينما يُعرف الشفق القطبي في نصف الكرة الأرضية الجنوبي باسم "أورورا أستراليس" (Aurora Australis) أو "الأضواء الجنوبية". على الرغم من تشابههما، إلا أن ظروف الرؤية في القطب الجنوبي تجعل من مشاهدة أورورا أستراليس أقل شيوعًا من أورورا بورياليس.
تختلف شدة ووتيرة ظهور الشفق القطبي بناءً على نشاط الشمس. فخلال فترات ذروة النشاط الشمسي، التي تحدث كل 11 عامًا تقريبًا، يزداد احتمال رؤية الشفق القطبي بشكلٍ أكثر تواترًا وشدةً، وقد تمتد مناطق رؤيته إلى خطوط عرضٍ أدنى من المعتاد.
لا يقتصر الشفق القطبي على الأرض فحسب، بل يُلاحظ أيضًا على كواكب أخرى في نظامنا الشمسي، مثل المشتري وزحل، حيث تتفاعل الرياح الشمسية مع أغلفةها الجوية.
يمثل الشفق القطبي ظاهرة طبيعية رائعة تُظهر جمال الكون وقوته، وتُلهم العلماء والفنانين على حد سواء. إن مشاهدة هذا العرض الضوئي الساحر تُعد تجربة فريدة لا تُنسى.
التعليقات
اضافة تعليق جديد
| الإسم |
|
| البريد ( غير الزامي ) |
|
|
|
|
|
|
| لم يتم العثور على تعليقات بعد |