عقوق الوالدين من أعظم الذنوب وأشدها قبحًا، وهو جناية تُهدم صرح الحياة وتهدم قواعد المجتمع. فبر الوالدين ركن أساسي من أركان الإسلام، وقد حثّ عليه الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وعدّ عصيانهما من الكبائر التي تُغضب الله وتُنزل غضبه على العبد.

لا يُقاس عقوق الوالدين بالضرب المباشر أو الشتم الصريح فقط، بل يتعداه إلى مظاهر أخرى خفية قد لا يدركها العاق نفسه، كالإهمال والتجاهل، وعدم الوفاء بحقوقهما، ونكران الجميل، ورفع الصوت عليهما، والردّ عليهما بفظاظة، وقطع صلة الرحم بهما، والسخرية منهما، وحتى عدم إطاعتهما فيما لا يعصي الله. كل هذه الأفعال وأمثالها تدخل تحت مسمى عقوق الوالدين.

إنّ بر الوالدين ليس مجرد واجب ديني فقط، بل هو سلوك إنساني نبيل، فهم أول من بذلوا الغالي والنفيس من أجلك، فقد ربّوكِ وعلّموكِ وقدموا لكِ كل ما يحتاجه جسمكِ وروحكِ من رعاية وحنان. فكيف تردّ لهم الإحسان بالإساءة؟ وكيف تُقابل عطفهم بالجحود والنكران؟

عواقب عقوق الوالدين وخيمةٌ في الدنيا والآخرة. ففي الدنيا، يُصاب العاقّ بسوء الحال، وقلة البركة، وانقطاع الرزق، وعدم الاستقرار، وفقدان السعادة. وفي الآخرة، يُعاقب العاقّ عقاباً شديداً، وقد يُحرم من رحمة الله، ويُعذب في نار جهنم.

لذا، علينا جميعاً أن نحرص على برّ والدينا، وأن نُعاملهم بأحسن معاملة، وأن نُطيعهما فيما يُرضي الله، وأن ندعو لهما بالخير، ففي برّهما سعادتنا في الدنيا والآخرة. فاللهم ارزقنا برّ آبائنا وأمهاتنا، وارحم موتاهم.